الرفق في الدعوة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين، وعلى من سار على هديهم إلى يوم الدين أما بعد؛

فيا صاحب الحقّ وحاملاً راية الدين اعلم أنّ الحق أبلج ولايحتاج منك إلى أساليب (التفتفة) والسبّ واللعن والشتم ؛
فصاحب الحق هذَّبه الحق الذي يحمله، وأدبته فضيلته التي يُدافع عنها ..

كيف لا؛ وهو يهتدي بهدي سيد المرسلين الأتقياء، ويقتفي أثر إمام الدعاة الرحماء؛ الذي يقول:
(( إنّما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق))..

وضع رسولُ اللهﷺ  منهجاً يُحتذى وعلامات بها يُهتدىٰ فقال:
«ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا باللَّعَّانِ. ولا بالفاحشِ ولا بالبذيءِ» .(السلسلة الصحيحة).  

وكان أول من اتّصف بذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَمْ يَكُنِ سَبَّابًا، وَلَا فَحَّاشًا، وَلَا لَعَّانًا ..» أخرجه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه.
وكان يوصي صحابته الكرام بذلك؛
فهذا أبو جُرَيّ جابر ابن سليم الهُجَيْمي رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله اعْهَدْ لِي! -أي أوصني وانصحني-، قال: «لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً" رواه أبو داود.

وقد يظن ظانّ أن مع من اشتدّ جرمه فإن هذا يسوغ للداعية أن يخرج عن طوره فيعامل بالمثل ويجاهر بالشتم والسب؛
انظر لما رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "أَنَّ اليَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ! بحذف اللام، والسام: هو الموت، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «وَعَلَيْكُمْ»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ أَوِ الفُحْشَ» قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: «أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ، رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ»".

انظر أيها الداعية المبارك إلى هذا الأدب الدقيق وذلك التوجيه الرفيق؛ فإنّ من كان هذا حاله فإنه حري به أن يُنصر ويُوفق و تنتشر دعوته و يقبل الناس منه ..

وكلّ دعوة خرجت عن هذا فهي والذي خلق الإنسان في أحسن تقويم لاتمثل الهدي الكريم وليست على الطريق المستقيم ومن أضافها إلى هدي السلف الصالح فقد أعظم الفرية؛

ودونكم تراجم العلماء وسير الصادقين الأوفياء؛ فما فيها والله غير الرفق بالمدعوين وطيب الكلام للمخاطَبين..

ولايُفهم من هذا  أنه لاتكون الشدة مع المخالف والمعاند  ولكن الحكمة وضع الشيء في موضعه كما أن الشدة لا تعني الفحش في القول .

واللبيب بالإشارة يفهم.

 والحمد لله أولا وآخرا.

اسم الكاتب : د .الزبير بن الطيب محمد
2024-03-07

تواصل معنا

Sed ut perspiciatis unde omnis iste natus error sit voluptatem accusantium doloremque

Your message has been sent. Thank you!