العَبِيرُ الزَّاكي

الحمدُ لله القائل وإنَّكَ لعلَى خُلُقٍ عَظيم، والصَّلاةُ والسَّلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه والتَّابعين أمّا بعد؛فإنَّ من أعظمِ ما يُميِّز أهلَ العلم وطلابه عِفَّةُ اللسان، ونزاهتُهُ عن السَّبِّ والشَّتْم والوَقاحَةِ؛ فهم أهل ذِكْرٍ ورحمةٍ؛ فلا يتكلَّمون إلا بعلم سيماهم في حروفهم وكلماتهم التي تخرج كالعبير الزَّاكي قدوتهم الرَّحمة المُهداة ﷺالذي ليس بطعَّان ولا فاحشٍ ولابذيء، وكلامهم يمرُّ على القلوب كالنَّسيم العليل، ومن طِيبه يروي الغليل  دليلهم وشعارُهم التَّنزيل﴿ وَقولوا لِلنّاسِ حُسنًا ﴾ [البقرة: ٨٣]..لا يُعيِّرون ولا يَسخرُون، تلهجُ ألسنتهم بالدُّعاء للقريب الموافق والبعيد المخالف؛ لأنَّ غايتهم هداية الخلق ..تأمَّل رَدَّ نبيِّ الله موسى ﷺفي قوله تعالى:﴿وَإِذ قالَ موسى لِقَومِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُكُم أَن تَذبَحوا بَقَرَةً قالوا أَتَتَّخِذُنا هُزُوًا قالَ أَعوذُ بِاللَّهِ أَن أَكونَ مِنَ الجاهِلينَ﴾ [البقرة: ٦٧] ماذا قال؟ قال :(أعوذُ باللهِ أن أكون من الجاهلين)؛ فالاستهزاء من صفات الجاهلين والازدراء من صفاتِ النَّاقصين؛ فإن وقعَ غيرُك في الكفر والبدعة والمعصية؛ فليس لك إلا بيان الحقِّ والاستدلال، وترك المراء والجدال، وسوء الخصال؛فلا أنتَ تأمَن البلاء كما قد يُوهب غيرُك الاهتداء..وماتراه في وسائل التَّواصل وغيرها؛ من الانحطاط  إلى أسفل الخِلال، والتَّراشُق بالتَّنابز والجدال؛ لهُو علامةُ سُوءٍ وبيل؛ وماذاك إلا لكثرة المُتطَفِّل والدَّخيل على العلم وأهله، والابتعاد عن سواءِ السَّبيل..وَرُبَّ قَبيحَةٍ ما حالَ بَينيوَبَينَ رُكوبِها إِلّا الحَياءُوَكانَ هُوَ الَّذي أَلهى وَلكِنإِذا ذَهَبَ الحَياءُ فَلا دَواءُاللهم زيينا بزينة الإيمان، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا اللهم من الرّاشدين ..
✍️د.الزُّبيْر الطَّيِّب مُحمّد 
      ١٤رجب ١٤٤٥هــ. 

اسم الكاتب : د .الزبير بن الطيب محمد
2024-03-07

تواصل معنا

Sed ut perspiciatis unde omnis iste natus error sit voluptatem accusantium doloremque

Your message has been sent. Thank you!